من يزور قبة الصخرة ويصعد الدرج المؤدي إليها يجد أنها تحاط من جميع الجهات بأعمدة رخامية تنتهي بأقواس، هذه الأعمدة أطلق عليها سلفنا الصالح مصطلح بوائك أو موازين، فالبائكة هي: (مجموعة الأعمدة المتتابعة على خط مستقيم، والموصولة في أعلاها بأقواس تحمل السقف). والبوائك تحيط بقبة الصخرة المشرفة من جهاتها الأربع، ويصعد الزائر من خلالها لِقبة الصخرة عن طريق درج عريض، وقد بُنيت هذه البوائك على عدة مراحل، أغلبها في العصر المملوكي، مع العلم أن أقدمها بُني في العصر الفاطمي، وقد تم تجديدها أكثر من مرة، يبلغ عدد البوائك في المسجد الأقصى ثماني بوائك موزعة على الجهات الأربع: البائكة الشمالية، والبائكة الشمالية الغربية، والبائكة الغربية، والبائكة الجنوبية الغربية، والبائكة الجنوبية، والبائكة الجنوبية الشرقية، والبائكة الشرقية، والبائكة الشمالية الشرقية>
والمتأمل في هذه البوائك والتي يطلق عليها موازين، يجزم أنها لم تُبنَ عبثاً، إنما أراد سلفنا الصالح أن يرسل لنا من خلالها رسائل، فإطلاق اسم موازين عليها فيه دلالة مأخوذة من عقيدة المسلم بأن هذه الأرض هي أرض المحشر والمنشر، حيث يُحشر الناس فيها يوم القيامة ليُنشَروا للحساب فيُنصَب الميزان حيث العدل الإلهي المطلق. كما أن هذه الموازين بمثابة الأضلاع الحامية للقلب، فقبة الصخرة بُنيت في وسط وقلب ساحات المسجد الأقصى المبارك، لتقول لنا أن إقامة موازين العدل هي التي تحمي المسجد الأقصى المبارك، فالتاريخ يشهد أن الذين فتحوا بيت المقدس وحرروه هم أهل الحق والعدل، فعمر بن الخطاب الذي استلم مفاتيحها سمي بفاروق الأمة لعدله وإنصافه، وصلاح الدين الذي حررها من حقد الصليبيين كان أيضا يتصف بالعدل