ازداد الحديث عن حقوق الإنسان في العصر الحديث، وكثُرت الدعوات إلى حمايتها والمحافظة عليها، وتوِّجَ ذلك بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948م.
ولا يمكننا على المستوى العملي من صياغة العلاقة على نحو إيجابي بين حق الاختلاف وضرورات العيش المشترك إلا بالإعلاء من شأن حقوق الإنسان، والعمل على صيانة هذه الحقوق، بعيداً عن التمايزات الأيدلوجية أو الاختلافات الفكرية والسياسية، فالعلاقة جد عميقة بين مبدأ العيش المشترك ومفهوم حقوق الإنسان، حيث أن حقوق الإنسان بكل ما تحتضن من قيم ومتطلبات وحاجات، هي الحاضن الأكبر للمشروع المشترك.
لذلك من الضروري أن نعتني بخلق الوعي الحقوقي، القادر على صيانة كرامة الإنسان.
ولابد أنْ يدرك الجميع أن قيم الدين العليا لا يمكن أن تشرع للعسف والإكراه وانتقاص حقوق الإنسان. فالأديان بكل نظمها وتشريعاتها، جاءت من أجل تحرير الإنسان، وصيانة حقوقه وكرامته؛ لذلك فإن الدين هو الرافد الأول الذي ننتزع منه حقوق الإنسان الأساسية.
فبوابة العيش المشترك في كل الأمم والمجتمعات، هي صيانة حقوق الإنسان وحماية كرامته وتعزيز حضوره ودوره في مشروعات التنمية والعمران.
والاختلاف في الهوية أو الانتماء الأيدلوجي أو القناعات الفكرية والسياسية، لا يشرع بأي حال من الأحوال إلى انتهاك الحقوق. فالاختلافات ليست سبباً أو مدعاة لنقصان الحقوق، وإنما تبقى حقوق الإنسان مصانة وفق مقتضيات العدالة ومتطلبات العيش المشترك.
ومن هذا المنطلق فإنَّ مركز النجاح للدراسات الدينية يولي موضوع حقوق الإنسان في الأديان أهمية كبرى؛ لأنّ الأديان بما تملكه من تأثير وإلزام على متَّبعيها هي الضمان الأكبر لتطبيق حقوق الإنسان وحمايتها.